الأمانة العامة - الرياض

أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أنّ انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية الهند يعكس الرغبة الصادقة والمشتركة في تعزيز العلاقات بين الجانبين، وتطويرها بما يخدم مصالح شعوبنا ويعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة.

جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري الأول المشترك للحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية الهند، اليوم الاثنين الموافق 9 سبتمبر 2024م، برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لدولة قطر -رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري-، وبمشاركة أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون، وحضور معالي السيد سوبراهمانيام جايشانكر، وزير خارجية جمهورية الهند.

وقال معاليه خلال الكلمة التي ألقاها في الاجتماع: إن العلاقات بين دول مجلس التعاون وجمهورية الهند تاريخية وعريقة، تمتد لعدة قرون وتقوم على أسس من الثقة المتبادلة والتعاون المثمر، وهذه العلاقات تشهد باستمرار تطورًا ملحوظًا، وتعكس الإرادة القوية لدى الجانبين لتعزيز الشراكة في مختلف المجالات.

وفي سياق متصل أشار معاليه إلى مجالات التعاون التي وردت في مذكرة التفاهم التي وقعها الجانبان في عام 2022، والتي تشكل المنطلق الرئيسي في مجالات التعاون بين الجانبين، وأن الحوار والتعاون السياسي بين دول مجلس التعاون والهند هو ركيزة أساسية في قوة ومتانة العلاقات سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى المشترك، والتحديات السياسية التي تواجه منطقتنا والعالم يتطلب منا التنسيق المستمر والحوار البناء لتعزيز الأمن والاستقرار، لقد أثبتت التجارب السابقة أن التعاون الوثيق بيننا أسهم بشكل كبير في مواجهة عدد من الأزمات والتحديات السياسية.

كما أضاف معالي الأمين العام إلى أن التحديات السياسية والأمنية التي يواجهها العالم مثل الإرهاب والتطرف، والنزاعات الإقليمية، والأزمات الإنسانية، يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون والهند، ويمكننا العمل معًا لمواجهة هذه التحديات بفعالية، وتوحيد الجهود والمواقف في المحافل الدولية سيعزز من قدرتنا على التأثير والمساهمة في تحقيق السلم والأمن، والتعاون الأمني لا يقتصر على مواجهة التحديات وحسب، بل يمتد أيضًا إلى تعزيز السلم والأمن في منطقتنا والعالم، ويمكننا من خلال تبادل المعلومات والتنسيق الأمني العمل على منع الأزمات والنزاعات قبل حدوثها، كما يمكننا التعاون في مبادرات السلم والأمن الإقليمي والدولي، مما يسهم في خلق بيئة مستقرة وآمنة لشعوبنا.

وأشار معاليه إلى الآليات الفعالة للحوار السياسي والتشاور المستمر بين دول مجلس التعاون والهند، وهي الأدوات التي توفر لنا الفرص العديدة لتبادل وجهات النظر وبناء تفاهمات مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار، وكذلك تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية، وتمكننا من عقد اجتماعات دورية على مستوى الوزراء وكبار المسؤولين لمناقشة القضايا السياسية الهامة والتحديات المشتركة، ووضع إستراتيجيات لمواجهتها.

وأكد معاليه على أن التعاون الاقتصادي يمثل محورًا هامًا في علاقتنا الثنائية، حيث يشكل الأساس الذي تقوم عليه علاقاتنا التجارية والاستثمارية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والهند في عام 2022 نحو  174 مليار دولار أمريكي، أي نحو 11% من اجمالي حجم التبادل التجاري السلعي لمجلس التعاون، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا التعاون، ويشمل التعاون في مجال التجارة الذي بلغت فيه صادرات دول المجلس ما قيمته نحو 91 مليار دولار، في حين بلغت الواردات ما قيمته 83 مليار دولار، مما يعزز التكامل الاقتصادي بيننا ويوفر فرصًا للنمو والتوسع في الأسواق، بالإضافة إلى أنها بلغت استثمارات دول مجلس التعاون في الهند نحو 6 مليار دولار في مشاريع متنوعة. هذه الاستثمارات تعكس الثقة المتبادلة والفرص الواعدة التي توفرها الأسواق في كلا الجانبين، من خلال تعزيز الاستثمارات المشتركة، يمكننا تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، بما في ذلك خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي، وكذلك البترول والغاز، هناك فرص كبيرة للاستثمار المشترك في مجالات الطاقة المتجددة، مما يسهم في تحقيق الاستدامة وتنويع مصادر الطاقة، ويسهم في حماية البيئة، كما وأن التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار يعد محورًا هامًا آخراً في علاقاتنا، وتبادل الخبرات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي يمكن أن يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية والتقدم في كلا الجانبين، حيث نستشرف أن هناك إمكانيات هائلة للتعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتكنولوجيا المالية، مما يعزز قدرتنا على الابتكار وتحقيق النمو المستدام، وتعد البنية الأساسية مجالًا آخراً ذو أهمية بالغة في تعزيز التعاون بيننا، لاسيما وأن الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية، مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ، يمكن أن يسهم في تعزيز الاتصال بين دولنا وتحقيق التكامل الاقتصادي، ويمكننا من الاستفادة من الخبرات الهندية في هذا المجال لتطوير البنية الأساسية في دول مجلس التعاون، يعزز ذلك قدراتنا الاقتصادية ويوفر فرصًا جديدة للنمو والتطوير.

كما شدد معالي الأمين العام على أن التراث الثقافي العريق لكلا الجانبين يعد عاملاً هامًا في تعزيز التفاهم المتبادل والتقارب بين شعوبنا، والتعاون الثقافي يمكن أن يسهم في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب، مما يعزز العلاقات الثنائية على المستوى الشعبي ويعكس القيم المشتركة التي تربطنا، ويسهم في تبادل الخبرات الأكاديمية في تعزيز الروابط الثقافية والعلمية بيننا، من خلال برامج التبادل الثقافي والأكاديمي، مما يمكننا من تعزيز الفهم المتبادل وتبادل المعرفة والخبرات بين شعوبنا.

ذاكراً أن التعاون في المجالات الأكاديمية والعلمية يمثل جزءًا هامًا من تعاوننا الثقافي، ويُمكن الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في دول مجلس التعاون والهند من التعاون في مجالات البحث العلمي والتطوير، الأمر الذي بلا شك سيسهم في تحقيق تعاون ملموس في مجالات التكنولوجيا والعلوم من جانب، ويكثف من زيادة وتيرة عملية تبادل الخبرات والمعرفة وتعزيز القدرات البحثية بين كلا الجانبين من جانب آخر. وبهدف وضع برامج محددة للمضي قدماً في تفعيل التعاون في هذه المجالات، فقد اتفق الجانبان على خطة للعمل المشترك للفترة القادمة (2024-2028)، والتي نتطلع إلى إقرارها في اجتماع اليوم، كما تم الاتفاق على أن تقوم الأمانة العامة بالتنسيق بين جمهورية الهند ودول المجلس للبدء في تنفيذ هذه الخطة في أقرب فرصة ممكنة، والعمل على تطويرها وتعزيزها وفق ما يراه الجانبان لتكون رافداً للعلاقات المتينة بين الجانبين.

مختتما بأن اجتماع اليوم سيسهم في تعزيز الروابط بيننا وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، فنحن اليوم أمام فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات التي تناولتها مذكرة التفاهم، وتنفيذ خطة العمل المشترك التي تم التوصل إليها بين مجلس التعاون وجمهورية الهند للفترة (2024-2028).