أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن الاجتماع المشترك الأول بين مجلس التعاون والجمهورية العربية السورية، هو خطوة عملية نحو تنسيق الرؤى وتعزيز التعاون بين دول المجلس وسوريا، كما أنه يأتي استجابةً لما تم التوافق عليه في اجتماع المجلس الوزاري التشاوري، الذي سبق انعقاد اجتماع الدورة الاستثنائية الـ 46 للمجلس الوزاري الموقر، والتي عقدت بتاريخ 26 ديسمبر 2024م، في دولة الكويت، والذي شدد فيه أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول المجلس، على أهمية إرسال رسالة خليجية موحدة، مفادها الوقوف ودعم سوريا وشعبها الشقيق، والاستعداد للعمل مع جميع الأطراف لتحقيق السلام العادل والمستدام في سوريا.
جاء ذلك خلال انعقاد الاجتماع المشترك الأول بين مجلس التعاون والجمهورية العربية السورية، اليوم الخميس الموافق 6مارس 2025م، في المملكة العربية السعودية في مدينة مكة، برئاسة معالي عبدالله علي عبدالله اليحيا، وزير الخارجية لدولة الكويت -رئيس الدورة الحالية- للمجلس الوزاري، وحضور أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون، ومعالي السيد أسعد الشيباني، وزير الخارجية للجمهورية العربية السورية.
في مستهل كلمته رفع معالي الأمين العام أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهم الله ورعاهم-، على استضافة هذا الاجتماع بجوار بيت الله الحرام، ولما قدمته وتُقدمه المملكة العربية السعودية من تسهيلات ومساندة لإنجاح أعمال الاجتماعات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة ولما يلقاه العمل الخليجي من دعم واهتمام من لدُن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم-، كما تقدم معاليه بخالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير الخارجية في المملكة العربية السعودية على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وعلى التنظيم والإعداد المتميز لهذا الاجتماع.
كما تقدم معاليه بخالص التهاني والتبريكات، بمناسبة شهر رمضان المبارك، أعاده الله على أوطاننا وشعوبنا بالخير والسلام، وإنه لمن دواعي الاعتزاز أن نلتقي في هذه الأرض المباركة، في رحاب مكة المكرمة، ونعقد الاجتماع الوزاري المشترك الأول.
وأكد معالي الأمين العام خلال كلمته أن الاجتماع المشترك الأول بين مجلس التعاون والجمهورية العربية السورية يدشن مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون المشترك، وأننا كنا، وما زلنا نؤمن بأن سوريا دولة شقيقة، وهي جزء أصيل من نسيج الأمة العربية، بتاريخها العريق، وشعبها الذي قدّم الكثير للحضارة الإنسانية، كما نؤمن إيمانًا راسخًا بأن الشعب السوري يجب أن ينعم بالأمن والاستقرار، والعيش الكريم، ويعيد بناء دولته، وما دمرته الحرب خلال السنوات الماضية.
كما ذكر معاليه بأن دول مجلس التعاون قد دأبت على الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، انطلاقًا من قناعة راسخة، بأن سوريا القوية والآمنة والمستقرة، ليست فقط مصلحة سورية، بل هي مصلحة خليجية وعربية ودولية، كما أن مجلس التعاون يدرك أن طريق التعافي طويل، ويؤمن أيضًا بأن إعادة بناء سوريا، يتطلب تظافر جميع الجهود الإقليمية والدولية والمنظمات الأممية، ويضع مصلحة الشعب السوري فوق أي اعتبار.
مؤكداً معاليه بأن موقف مجلس التعاون ثابتٌ، تجاه احترام سيادة الجمهورية العربية السورية الشقيقة واستقلالها ووحدة أراضيها، ورافضٌ للتدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، وللإرهاب والتطرف، وبأن أمن سوريا واستقرارها ركيزة أساسية من ركائز استقرار امن المنطقة، مبيناً معاليه بأن دول المجلس ومعالي وزير خارجية دولة الكويت - رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري- تجسد هذا الموقف بتكليف بزيارة الجمهورية العربية السورية واللقاء بالسيد أحمد الشرع، رئيس الجمهورية العربية السورية، بتاريخ 30 ديسمبر 2024م، في العاصمة السورية دمشق، وأن اللقاء كان فرصة للتأكيد على أهمية استمرار العملية الانتقالية الشاملة، التي تلبي تطلعات الشعب السوري في الاستقرار، وأهمية دعم المصالحة الوطنية وإعادة بناء الدولة السورية، وتأمين سلامة المدنيين، وحل الميليشيات والفصائل المسلحة، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، باعتبارها ركائز أساسية للحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، وأهمية استعادتها لدورها الإقليمي ومكانتها الدولية، مع تشجيع الوحدة الوطنية والحوار الشامل بين الأطراف السورية، لتحقيق الأمن والتنمية، وضمان عدم تدخل أية قوى أجنبية في سوريا، مرحبين بهذا السياق في الخطوات التي تبنتها الإدارة الانتقالية في سوريا تجاه تحقيق هذه الخطوات.
مضيفاُ معاليه بأن مجلس التعاون يرحب بالخطوات التي تم اتخاذها لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري، وهي خطوات وركائز رئيسية للحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، تمكنها من استعادة دورها الإقليمي ومكانتها الدولية، ومؤكدين على عزم دول مجلس التعاون في الاستمرار تجاه اتخاذ الخطوات اللازمة، من أجل تنسيق جهود دول المجلس، فيما يتم تقديمه من مساعدات إلى سوريا، وتدعو الشركاء والدول والمنظمات المعنية، لتقديم كافة وسائل الدعم للشعب السوري الشقيق، ورفع العقوبات المفروضة عليها، لتمكينها من التعافي الاقتصادي، وتلبية احتياجاتها الإنسانية والتنموية.
وأشار معالي الأمين العام، بأن دعم مجلس التعاون لسوريا لا يقتصر على الجانب الإغاثي والإنساني، بل هو داعم للجهود الدولية لتحقيق السلام والأمن في سوريا، وقد حرصت دول مجلس التعاون والأمانة العامة على المشاركة في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى بشأن سوريا، الذي استضافته الجمهورية الفرنسية الصديقة، بتاريخ 13 فبراير 2025م، لما يمثله من خطوة مهمة لدعم عملية انتقالية شاملة، والوقوف على الاحتياجات التي تتطلبها المرحلة الحالية لإعادة الاستقرار والحياة الاقتصادية لطبيعتها، ودورها الفاعل في محيطها العربي والدولي، لا سيما وأن هذا الاجتماع سبقه أيضاً اجتماعاً هاماً عقد في 12 يناير 2025م، في الرياض بالمملكة العربية السعودية، لتنسيق الجهود لدعم سوريا والسعي لرفع العقوبات عنها، والبدء بتقديم كافة أوجه الدعم الإنساني، والاقتصادي، وفي مجال بناء قدرات الدولة السورية، مما يهيئ البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين، ونحن نؤمن بأن السيادة السورية يجب أن تُحترم، وأن أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية يجب أن ينتهي، ومؤكداً على ضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف، ليس فقط عبر الحلول الأمنية، ولكن أيضًا عبر بناء دولة قوية، قادرة على تحقيق العدالة، وإعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها، وحماية التنوع الثقافي والديني فيها، الذي لطالما كان جزءًا من الهوية السورية.
كما أدان معاليه الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الجمهورية العربية السورية الشقيقة، بما في ذلك احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية، هي انتهاك صارخٍ لسيادة سوريا، وانتهاك لاتفاق فض الاشتباك المبرم في عام 1974م، وقرارات الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة، في انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويؤكد مجلس التعاون على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف هذه الاعتداءات على الأراضي السورية، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي السورية المحتلة، وعلى أن هضبة الجولان أرض سورية عربية.
واختتم معالي الأمين العام كلمته بالتأكيد أن اجتماع اليوم هو بداية مرحلة جديدة من العمل المشترك، تعيد لسوريا مكانتها التي تستحقها، متطلعين لبناء شراكة وحوار استراتيجي مع الجمهورية العربية السورية وذلك على غرار الحوارات والشراكات الإستراتيجية بين دول المجلس والدول العربية الأخرى، حتى يكون هذا الحوار الإستراتيجي خارطة طريق ومناراً لتطوير العلاقات الخليجية السورية على كافة الأصعدة.