أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن دول مجلس التعاون تنتهج مبدأ الوساطة كأداة دبلوماسية لحل النزاعات المسلحة وحفظ كرامة وحقوق الإنسان، وتوفر بيئة تحترم فيها الحقوق الأساسية وتزدهر فيها المجتمعات بأمن وسلام.
جاء ذلك خلال كلمة معاليه المسجلة، في افتتاح أعمال الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء الموافق 25 فبراير 2025 في مدينة جنيف.
وفي بداية كلمته قدم معالي الأمين العام، التهنئة لسعادة الرئيس، وأعضاء المكتب على انتخابهم لرئاسة مجلس حقوق الإنسان متمنياً لهم التوفيق والنجاح في إدارة أعمال المجلس، كما شكر معالي المفوض السامي لحقوق الإنسان السيد فولكر تورك، وزملاءه في المفوضية السامية لحقوق الإنسان على ما بذلوه من جهود مستمرة لدعم أعمال المجلس.
كما ذكر معاليه أن هذه الدورة تنعقد في عام يحمل دلالة تاريخية، إذ يتزامن مع الذكرى الثمانين لاعتماد ميثاق الأمم المتحدة، وهي ذكرى تدعونا جميعاً للتأمل في العقبات والتحديات المشتركة، التي تغلبنا على العديد منها في سبيل الحفاظ على كرامة وحقوق الإنسان، وتفرض علينا في ذات الوقت ضرورة العمل بشكل جاد لإعادة الثقة إلى نظامنا الدولي، وتوحيد إرادتنا الجماعية لتعزيز تلك الحقوق، لا سيما في ظل تراجع احترام المواثيق والأعراف الدولية وازدواجية معايير تطبيقها، وخير شاهد على ذلك ما ارتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينين في غزة من تطهير عرقي، وقتل وإصابة ما يزيد على (١٦٠) ألف أكثرهم من الأطفال والنساء، دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية، وأمام أنظار المجتمع الدولي، مؤكداً معاليه على الموقف الثابت والراسخ لمجلس التعاون في دعم القضية الفلسطينية والتوصل إلى حل يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
كما أشار معالي الأمين العام، أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يولي اهتماماً عالياً بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، من خلال تبني العديد من الأنظمة الموحدة والقواعد الاسترشادية، واتباع دوله الأعضاء نهجاً شاملاً ومتواصلاً لتطوير بنيته التشريعية والمؤسساتية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وذلك استناداً على القيم الإنسانية والحقوق النبيلة المستقاة من ديننا الحنيف، والتزاماً بالمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث ننتهج مبدأ الحق في التنمية مفهوماً أساسياً لاستدامة وحفظ وصون كرامة حقوق الإنسان، وتعمل على التعاون مع الآليات الأممية الخاصة بحقوق الإنسان، مع مراعاة مبدأ الإحترام لتنوع مفاهيم حقوق الإنسان والإختلاف القيمي بين مختلف الشعوب والمجتمعات، ومعرباً معاليه عن قلقه إزاء تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا وانتشار خطاب الكراهية، ودعا إلى تظافر الجهود الدولية للتصدي لهذة الظاهرة الخطيرة، وبناء ثقافة بديلة تقوم على التسامح والحوار والتعايش السلمي.
وأكد معاليه أن النزاعات والصراعات المسلحة إقليمياً ودولياً هي السبب الرئيسي للمعاناة الإنسانية، ونشهد من خلالها بكل أسى انتهاكات جسيمة لكرامة وحقوق الإنسان بمختلف أشكالها وأوجهها، مستذكراً معاليه البيان المشترك الذي تقدمت به دول مجلس التعاون، وحظي برعاية(137 دولة) خلال الدورة الـ ٥٧ لمجلسكم الموقر، والذي جاء احتفاءً بالذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان وبرنامج عمل بشأن ثقافة السلام.
وفي ختام كلمته، أشاد معاليه بالدور الحيوي والهام الذي يؤديه العاملين في المنظمات الإنسانية والإغاثية، ومعرباً عن قلقه من المخاطر التي تواجه العاملين في المجال الإنساني، داعياً إلى حمايتهم في النزاعات وفق قواعد القانون الدولي واتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين المحاسبة على هذه الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب بحقهم، ومؤكداً في الوقت ذاته على تجديد الدعم الكامل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تمثل طوق نجاة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم لها لضمان استمرار خدماتها الإنسانية والتعليمية والصحية، التي تشكل ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي ولحماية حقوق الإنسان.