أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن دول مجلس التعاون وجمهورية الهند ترتبطان بعلاقات تاريخية وثيقة، وشراكات استراتيجية على مختلف الأصعدة، والجانبان يسعون دائماً لتعزيز هذه الشراكات.
جاء ذلك خلال كلمة معاليه في فعاليات حوار كوتشي 2025، والذي أقيم تحت شعار (سياسة الهند نحو غرب آسيا، الشعب والازدهار)، والتي أقيمت يوم الخميس الموافق 16 يناير 2025م في مدينة كوتشي بالهند.
وأشار معالي الأمين العام خلال كلمته، إلى أهمية “حوار كوتشي 2025” نحو تعزيز التعاون بين الهند ودول مجلس التعاون، وأن هذا الحدث يمثل فرصة حقيقية ومنصة موثوقة لاستكشاف مجالات التعاون التي تهم الجانبين، وكذلك لتبادل الأفكار والآراء بين صانعي السياسات والدبلوماسيين، والباحثين، والمفكرين، والمستثمرين من القطاعين العام والخاص.
كما ذكر معاليه، أن الشراكة الإستراتيجية بين دول المجلس والهند في مجموعة من المجالات الحيوية مثل التجارة، والطاقة، والتكنولوجيا، والتعليم، تلعب دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والازدهار الإقليمي، والتعاون في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، مثل الأزمات المناخية والأمن الغذائي، مشيراً معاليه إلى أن الجهود المشتركة بين دول الخليج والهند ستكون أساساً لتحقيق استدامة اقتصادية واجتماعية في المستقبل.
واستعرض معالي الأمين العام، العلاقات التاريخية العميقة بين الخليج والهند، مؤكداً أن هذه الروابط تمتد لقرون من الزمن، حيث كانت الهند منذ القرن الثامن عشر وجهة تجارية حيوية للمناطق الخليجية، وخاصة في مجالات التجارة والثقافة والتعليم، وأن بومباي (مومباي اليوم) كانت مركزًا اقتصاديًا رئيسيًا في المنطقة، حيث كان العديد من التجار الخليجيين يقيمون ويعملون فيها، بالإضافة إلى العلاقات الإنسانية والثقافية بين شعوب الخليج والهند، وإسهامات العديد من الشخصيات الخليجية البارزة في بناء المؤسسات التعليمية والخيرية في الهند، مما عزز العلاقات الثقافية بين الجانبين.
وسلط معالي الأمين العام خلال كلمته، الضوء على المجالات التي يجب أن تركز عليها دول الخليج والهند في المستقبل، ومنها التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار في ظل عصر الثورة الصناعية الرابعة، مؤكداً على أن التعاون في الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، والطاقة المتجددة سيكون أساسًا لتحقيق تنمية مستدامة، كما أن مكافحة تغير المناخ وتعزيز الأمن الغذائي يجب أن تكون من أولويات التعاون بين الجانبين، داعياً معاليه إلى تطوير سلاسل إمداد غذائية مستدامة وتقنيات جديدة لإدارة الموارد المائية.
كما تطرق معاليه إلى مفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج والهند وأهمية تسريعها، حيث ستسهم بشكل كبير في إزالة الحواجز التجارية، وستساعد في فتح أسواق جديدة وتعزيز التعاون في الاقتصادات الرقمية وتحويل الصناعات.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ذكر معالي الأمين العام أن العلاقات التجارية بين دول الخليج والهند شهدت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين في عام 2022 إلى حوالي 174.2 مليار دولار امريكي، وهو ما يمثل نحو 11.3% من إجمالي حجم التجارة لدول الخليج، موضحاً معاليه أن صادرات دول الخليج إلى الهند بلغت حوالي 90.8 مليار دولار امريكي، مما يعكس أهمية الهند كشريك تجاري رئيسي في المنطقة، وأن الاستثمارات الخليجية في الهند تجاوزت 5.72 مليار دولار امريكي، وهي تساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو في كلا الجانبين، وأن هذه الاستثمارات تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي، مما يجعل الهند شريكًا استراتيجيًا مهمًا لدول مجلس التعاون.
وفي ختام كلمته، أعرب معالي الأمين العام عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين دول مجلس التعاون والهند، مشيراً إلى أن هذه العلاقات مبنية على تاريخ طويل من التعاون المشترك، وهي الآن تركز على مواجهة التحديات العالمية التي تتطلب أعلى مستويات التعاون والانسجام بين الدول.