الأمانة العامة - الرياض

قال معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن حفل الإعلان عن رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي ليس مجرد التزام سياسي، بل هو التزام أخلاقي يجمعنا جميعاً، فأمننا المشترك هو الأساس الذي نبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل، وأننا في مجلس التعاون، نؤمن بأن الحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر يعتبرون من الأساسيات والدروع الحصينة لمواجهة كافة التحديات.


جاء ذلك خلال إطلاقه لرؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي، خلال حفلاً اقيم اليوم الخميس الموافق 28 مارس 2024م، في مقر الأمانة العامة بمدينة الرياض، بحضور عدد من كبار المسؤولين في وزارات الخارجية بدول المجلس والدبلوماسيين ومفكرين في ذات المجال. 

وذكر معاليه خلال كلمته التي ألقاها في الحفل أنَّ مجلس التعاون لدول الخليج العربية يقف على أرضية ثابتة في سبيل دعم وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، حيث أكد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم-، مراراً وتكراراً، وآخرها خلال قمة الدوحة، على التزام الدول الخليجية الراسخ بمواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، ليس فقط ضمن حدود المنطقة بل وعلى الصعيد العالمي، حيث إن المساهمة في حل القضايا التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين، وتعد شهادة على عزمنا وإيماننا بأن السلام ليس مجرد غاية نسعى إليها وحسب، بل هو الأساس الذي تقوم عليه الرؤية لمستقبل يسوده التعايش والتقدم المشترك، عبر تعزيز الدور الإقليمي والدولي، متمسكين بالحوار كجسر للتواصل والتفاهم، مع الحرص على توسيع آفاق التعاون مع كافة شركائنا حول العالم، وانطلاقًا من الإيمان بأنَّ السلام الدائم يتطلب جهودًا مشتركة وإرادة حقيقية وصادقة.

مستذكراً معاليه أن دول مجلس التعاون أثبتت عبر العقود الماضية صدق نواياها والتزامها بهذه المبادئ والمواثيق والأعراف الدولية، وكانت السمة الإيجابية هي بوصلة تفاعلها وتواصلها مع مجتمعها الإقليمي والدولي، الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يثق بها أيّما ثقة، ويضعها في مكانة تقوم من خلالها بلعب أدوار أكبر، متسلحة بصدق النوايا هذه، والإيجابية في التعاطي، والرغبة الصادقة والواقعية للحد من التصعيد، وفك النزاعات، وإيجاد حلول للصراعات والملفات والقضايا العالقة.

وأوضح معاليه بأن هذه الرؤية هي دعوة لكل الأطراف للعمل معاً من أجل مستقبل مزدهر وآمن، موضحاً أن هذه الرؤية تشير إلى ثلاث نقاط، أولها تنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون تجاه القضايا الإقليمية والدولية، إذ يعد ركناً مهماً من أركان التعاون والتكامل بين دول المجلس، وعاملاً أساسياً لرسم سياستها الخارجية الموحدة، مما ساهم ذلك في تمكين مجلس التعاون في تبني مواقف مشتركة موحدة تجاه أهم التحديات التي تواجهها هذه المنطقة والعالم، ومن أهمها قضايا الأمن الإقليمي، ثانيًا المواقف المشتركة والموحدة تستند إلى النظام الأساسي لمجلس التعاون، ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول، والتي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها السياسي ووحدة أراضيها ومواردها الطبيعية، مؤكدين على أن يتم حل الخلافات بين الدول عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية والحوار ورفض استخدام القوة أو التهديد بها، حرصاً على أمن المنطقة واستقرارها، ثالثاً الاستناد على النظام الأساسي لمجلس التعاون، من جهة، واتفاقية الدفاع المشترك، من جهةٍ أخرى، فإنَّ أمن دول مجلس التعاون كلٌ لا يتجزأ، لا سيّما في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من عدم استقرار، حيث يرتبط ذلك بمبدأ المصير المشترك، وقد ساهم التكامل السياسي والعسكري والأمني بين دول المجلس في استتباب الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي، وأصبحت دول مجلس التعاون شريكاً موثوقاً لكافة الأطراف في العالم في المجال السياسي والأمني والاقتصادي، كما وأنها أمست مركزاً دولياً جاذباً للفكر والثقافة والعلم، فضلاً عن الرياضة والفن، وهذا هو النموذج الذي يأمل مجلس التعاون في أن تصل إليه دول المنطقة والعالم.

وبين معاليه خلال الكلمة باعتماد دول مجلس التعاون رؤية مستقبلية حيال الأمن الإقليمي تأتي انطلاقاً من مواقف دول المجلس تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وهي رؤيةً تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، بُنيت أهدافها الاستراتيجية على الحفاظ على الأمن الإقليمي، واستقرار دول المنطقة وازدهار شعوبها، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وبناء علاقات استراتيجية وشراكات إقليمية ودولية، وضمان أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسواق النفط، وتعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة البحرية، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ، وتأمين مواردها الاقتصادية الحيوية والدفاع عنها، وتهيئة فرص استثمارها لتعزيز قدراتها لتحقيق التنمية والتطور لشعوبها، بما يعود بالنفع على تحقيق الأمن والسلم المستدام والرفاه إقليمياً ودولياً، وتضمنت الرؤية عدة محاور، أبرزها محور الأمن والاستقرار، والمحور الاقتصادي والتنموي، ومحور البيئة والتغير المناخي، وذلك لمواجهة العديد من التحديات والتهديدات، من أبرزها التحديات الأمنية والتدخل في الشؤون الداخلية في دول المجلس ودول الجوار، والتغييرات الجيوسياسية على المستوى الدولي، والتحديات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

مختتماً معاليه كلمته بالتأكيد على أن دول مجلس التعاون تقف معاً على عتبات مستقبل تسعى من خلاله للأمن والازدهار، مستلهمين ذلك من رؤيتنا المستقبلية للأمن الإقليمي، التي تم تقديمها اليوم، وهذه الرؤية ليست مجرد خطط وأهداف استراتيجية، بل هي عهد بيننا لبناء مستقبل مشترك، يسوده الأمن والسلام والاستقرار، وإن التزامنا بالحوار، والتعاون، واحترام السيادة، والتنسيق الدولي، يعكس رغبتنا العميقة التي جُبلنا عليها في دول الخليج لتحقيق السلام الدائم والرفاهية لشعوبنا وللعالم أجمع، وندعو جميع الأطراف للعمل يداً بيد، لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، يعكس قوتنا المشتركة وإرادتنا في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.