أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن الاجتماع الوزاري بين مجلس التعاون ورابطة دول الآسيان ينعقد في أجواء مفعمة بالأمل والتطلعات نحو آفاق أرحب من التعاون والشراكة، ويشكل الخطوة التحضيرية الرئيسية التي تمهّد لانعقاد القمة المرتقبة، التي ستكون علامة فارقة في مسار العلاقات بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان).
جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري بين مجلس التعاون ورابطة دول الآسيان، اليوم الأحد الموافق 25 مايو 2025م، بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، برئاسة مشتركة بين معالي السيد انريكي منالو، وزير خارجية الفلبين، ومعالي عبدالله علي عبدالله اليحيا، وزير الخارجية بدولة الكويت -رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري-، بحضور أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول المجلس ودول رابطة الآسيان، ومشاركة سعادة الدكتور كو كيم هورن، الأمين العام لرابطة الآسيان.
وعبر معالي الأمين العام في بداية كلمته عن شكره وتقديره لماليزيا الصديقة، قيادةً وحكومةً وشعبًا، على استضافة هذا اللقاء، وعلى كرم الضيافة وحسن التنظيم، الذي عكس مجددًا ما تتحلى به ماليزيا من رقيٍ حضاريٍ وفاعليةٍ دبلوماسيةٍ متميزة.
وذكر معاليه خلال الكلمة أن اجتماع اليوم ينعقد في لحظة فارقة من تاريخ منطقتنا والعالم، حيث تتقاطع فيها التحولات الإقليمية والدولية مع طموحات شعوبنا نحو مستقبل أكثر استقراراً، وتزداد فيها الحاجة إلى شراكات إقليمية أكثر تنسيقًا واستجابة وتكاملًا، ويمثل هذا اللقاء فرصة مواتية لتبادل الرؤى، وتقييم ما تحقق من منجزات، واستشراف ما يمكن أن تُسهم فيه قمتنا المقبلة من نقلة نوعية في التعاون بين مجلس التعاون ودول الآسيان، وإننا على يقين بأن هذه الشراكة، بما تحمله من إمكانات هائلة، قادرة على الإسهام في ترسيخ الأمن والتنمية والازدهار في منطقتينا، على نحو يخدم مصالح شعوبنا ويعزز حضورنا المشترك على الساحة الدولية.
وفي ذات السياق جدد معاليه تأكيده أن القضية الفلسطينية ستظل في وجدان دول المجلس، باعتبارها القضية العربية والإسلامية الأولى والمركزية، مجددين مواقفنا الثابتة تجاه دولة فلسطين الشقيقة، وحق شعبها في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، رافضين جميع الإجراءات الأحادية، وداعين إلى تحرك دولي فاعل يعيد الأمل ويحقق السلام العادل والدائم، كما وأن في ظل التوترات الإقليمية والدولية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، تبرز الحاجة إلى اتخاذ موقف حازم وموحد، وإلى تعميق التعاون لضمان حرية الملاحة، ومواجهة أي تهديد لأمن الممرات المائية الدولية الحيوية، وكل ما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بما في ذلك استهداف السفن التجارية، وتهديد خطوط الملاحة البحرية والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية، وفقاً لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م.
كما أشار معالي الأمين العام أن اجتماع اليوم جاء تحضيرًا لحدث القمة بين الجانبين، ويأتي تجسيداً عن التزام جماعي بدفع مسار هذا التعاون إلى آفاق أرحب وأكثر تأثيرًا، بما يعكس المكانة المتنامية لتكتلاتنا في الاقتصاد الدولي، والدبلوماسية متعددة الأطراف، والتنمية المستدامة، مبيناً معاليه أن الأمانة العامة لمجلس التعاون سعت منذ انعقاد قمة الرياض بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول رابطة الآسيان في أكتوبر 2023م، إلى مواكبة ما أقرّه قادة الجانبين من أولويات إستراتيجية، حيث تم إنشاء فرق عمل متخصصة، وتفعيل مسارات التعاون في مختلف المجالات، وتنظيم عدد من الفعاليات المشتركة، وفي مقدمتها المنتدى الاقتصادي الاستثماري في الرياض في مايو 2024م، الذي شكل منصة نوعية لتقارب الرؤى بين الجانبين، وليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الإرادة المشتركة في بناء شراكة اقتصادية إستراتيجية.
واستعرض معاليه التبادل التجاري السلعي لمجلس التعاون مع رابطة الآسيان، أولاً بلغ التبادل التجاري في السلع بين دول المجلس ورابطة دول الآسيان نحو 122 مليار دولار أمريكي، في العام 2023م، ما شكل نحو أكثر من 8% من إجمالي التبادل التجاري في السلع لمجلس التعاون، ثانياً قيمة الصادرات والواردات السلعية كل على حدة، فقد بلغت قيمة صادرات مجلس التعاون إلى دول الآسيان نحو 76 مليار دولار أمريكي، مقابل واردات بنحو 46 مليار دولار أمريكي، ثالثاً بلغت نسبة الصادرات السلعية من مجلس التعاون إلى دول الآسيان نحو 10% من إجمالي الصادرات السلعية للمجلس في العام 2023م، أما الواردات السلعية فقد بلغت 7% من إجمالي الواردات السلعية إلى دول المجلس.
كما أكد معالي الأمين العام أن الأمانة العامة تؤكد التزامها الكامل بتسخير جميع إمكاناتها الفنية والتنظيمية لخدمة أهداف القمة المرتقبة، والعمل مع الأمانة العامة لرابطة الآسيان والجهات المختصة في دول المجلس لتحقيق ما يطمح إليه قادتنا من شراكة فاعلة وواقعية، في ضوء ما راكمته علاقاتنا من ثقة سياسية، وتكامل اقتصادي، وتواصل مؤسسي بناء، فإننا نتطلع بتفاؤل كبير إلى المستقبل، ونؤمن بأن اجتماع اليوم يشكل ركيزة لتكامل طويل الأمد، قائم على المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل، والطموح لتعزيز السلام والتنمية في منطقتينا.
مختتماً معاليه الكلمة بأهمية هذا الاجتماع في رمزيته وتوقيته، إذ يُمثّل الجسر المؤسسي بين الرؤية والقرار، وبين الأهداف والتطبيق، ونجاحه هو نجاح للشراكة التي باتت تحظى بالاهتمام الدولي المتزايد، وتقدم كنموذج مثالي لتعاون إقليمي رشيد ومتوازن، وأن نتائج الاجتماع ستكون لبنة أساسية تُمهد لقمة تاريخية ناجحة، ستكون منصة لتجديد الالتزام السياسي من أعلى المستويات، وتُجسّد تطلعاتنا في بناء شراكة إستراتيجية تعزز الأمن والتنمية الاقتصادية بين دولنا.

